بحكم تخصصي في الصحة تابعت بكل إهتمام وباء الإبولا. فبرغم أن إيبولا مشكلة متكررة منذ عقود، فإن العالم يبدو غير مستعد. كانت الاستجابة بطيئة وغير منسقة. الكارثة تتجاوز المرض،هزت اقتصادات، إلغاء رحلات الجوية، فرار الأجانب. هذا مع تأثير على الصحة بشكل أوسع. على سبيل المثال، الناس التي تظهر أعراض مشابهة لالإيبولا وغيرها من الأمراض تتردد كثير لتلقي العلاج خوفا من أنها سوف تحصل على إرسالها إلى مركز العزلة إيبولا. هذا الخوف جعل معدلات الوفاة من الملاريا والالتهاب الرئوي والأمراض الشائعة الأخرى ترتفع، كما افشل تشخيص حالات أخرى لإيبولا.
هذا ليس مجرد فشل الحوكمة الصحية في أفريقيا هذا من أعراض فشل الاديولوجية التي تقودنا و من حقنا أن نتساءل عما إذا كان جيلنا سبب هذا الفشل.
ففي القرن العشرين، كانت الناس تحب المنظمات الكبيرة : الجيش والشركات الكبيرة والوكالات العالمية. نظموا مشاريع بناء ضخمة في الثلاثينات 1930، و قاموا بتعبئة صناعية عملاقة خلال الحرب العالمية الثانية، و بنوا الطرق السريعة ونموا الشركات الضخمة خلال الخمسينات 1950. كانت المنظومة مؤسسية، ترمي إلى الرعاية والإصلاح. في تونس أسسنا الدولة الحديثة فبنيت الطرق و الجسور، المستشفيات و المدارس. (و على عكس العالم المتقدم. مورس الإستبداد و غابت الحوكمة فتفاقمت الأزمة).
أما نحن جيل الثورات،شجعنا المبادرين،المتمردين، المشاكسين، أصحاب المشاريع الصغرى، العاملين للحساب الخاص... جيلنا هو من سيعدم الإدارة أو ما بقي منها. هو من يستعمل الإنترنت لخلق الضجيج، ويفترض أن الهدم هو الحل و أن كل مشكل يمكن حله عن طريق أسراب من الأفراد، الجمعيات و الشبكات وأصحاب المشاريع الاجتماعية. كلنا قادر على أن يكون وزير و كلنا يريد أن يصبح رئيس. كل يفكر في شخصه ، في ترفيع ربحه و املاكه أو في أحلامه و عواطفه . كلنا ينظر إلى الخدمات التي نحتاجها جميعاً: أمن، نظافة، صحة، بنية تحتية... و لا يرى نفسه جزء من المشكل بل يرمي بالكرة عند الأخرين ينقدهم، يسبهم و ينقض لهدم ما بنو عندما تسنح الفرصة. و عندما تشتد الأزمة، نجد نفسنا نبحث على منقذ. شخصية السوبرمان التي ستحرسنا، تغير لنا واقعنا و تحقق لنا أحلامنا.
يا ريت كلنا يستيقظ و نعي أن المنقذ "الفرد" غير موجود! وطننا بحاجة إلى مصلحين، إلى مواطنين يلعبون دورهم لبناء مؤسسات تخدمهم. صحيح يلزمنا قيادات و لكن قيادات تبني لقيادات تأتي بعدها، قيادات تصلح مش قيادات تخدم مصالح أو تسجل مواقف.
وباء الابولا لن يقضي عليها طبيب ولا وزير بمفرده. وباء لن يغلبه إلا منظومة متكاملة يخدمها الجميع. الإبولا متربص بنا جميعا و قدرنا بأيدينا
Commentaires
Docteur Hichem Mahmoud
Chirurgien esthétique maxillo-facial
Chirurgie esthétique Tunisie